للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لدعوة النّبيّ أخّر الخبر ... عن مكّة فلم يورّ بل جهر

(لدعوة) أي: لأجل دعاء (النّبيّ) صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: «اللهمّ؛ خذ العيون والأخبار عن قريش؛ حتى نبغتها في بلادها» وفي رواية: «خذ على أسماعهم وأبصارهم، فلا يرونا إلّا بغتة، ولا يسمعون بنا إلّا فجأة» (أخّر الخبر) بالبناء للمفعول: أي: أخّر الله تعالى خبر خروجه صلى الله عليه وسلم (عن) أهل (مكة) وهذا يقتضي أنّه صدر منه صلى الله عليه وسلم الخبر بقصد الغزو، إلّا أنّ هذا الخبر لم يصل إلى العدوّ، ولذا قال الناظم:

(فلم يورّ) من التّورية: إذا أظهر شيئا وأراد غيره، بل لمّا أعلم أصحابه بالمسير إلى مكة.. أمرهم بالتجهيز والجدّ في الأمر، وكان من هديه عليه السّلام في غزوه: أنّه كان إذا أراد غزوا.. ورّى فيه، إلّا هذه وتبوك؛ لحكمة علمها صلى الله عليه وسلم، وساس الناس بها، فكان القدوة الحسنة، والمثل الأعلى لمن بعده (بل جهر) صلى الله عليه وسلم بذلك وأمر أهله أن يجهّزوه، ودخل أبو بكر على ابنته وهي تغربل حنطة، وتصنع في جهاز النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:

أي بنيّة؛ أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجهيزه؟

قالت: نعم، فتجهّز، قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: لا والله ما أدري؛ أي: أنّها لا تعلم وجهة قصده للغزو، وهذا كان في أول الأمر، ثمّ بعد ذلك أعلم الناس، وأعلن بالوجه الذي يريده، وهو قريش بمكة.

<<  <   >  >>