وفاز من لاذ به واسترحمه ... يومئذ إذ هو يوم المرحمه
المسلمون، والغمغمة: الأصوات التي لا تفهم من اختلاطها، والنهيت مكبرا: صوت الصدر، والهمهمة:
الكلام الخفيّ.
*** ثمّ أراد الناظم أن يذكر بعض مظاهر شفقة نبينا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، بقبول من استجار به في ذلك اليوم مع القدرة عليه، وعظيم ما صدر منه من جناية فقال:
(وفاز من لاذ) أي: لجأ (به، واسترحمه) أي: طلب رحمته وعطفه (يومئذ) أي: يوم الفتح لمكة (إذ هو) أي:
ذلك اليوم (يوم المرحمة)«١» لقريش، أعزّها الله فيه.
واعلم: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان قد عهد إلى أمرائه حين أمرهم بدخول مكة، أن لا يقاتلوا إلّا من قاتلهم إلّا نفرا سمّاهم؛ فإنّهم يقتلون ولو وجدوا تحت أستار
(١) هذا اليوم سمّاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنّ الكتائب لمّا كانت تمر يوم الفتح بأبي سفيان.. فأقبلت كتيبة لم ير مثلها، فقال: من هذه؟ قال العباس: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة بيده الراية، فقال سعد لأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة أي: يوم الحرب، أو يوم القتال- اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشا، فقال أبو سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بقتل قومك؟ قال: «لا» فذكر له قول سعد، فقال: «يا أبا سفيان؛ اليوم يوم المرحمة، اليوم يعز فيه الله تعالى قريشا» وأرسل إلى سعد، فأخذ الراية من يده، فدفعها إلى ابنه قيس، ورأى صلى الله عليه وسلم أنّ اللواء لم يخرج عنه؛ إذ صار لابنه.