اشترطت المماثلة فيه فاعتبرت حال البيع كسائر البيوع ولأن الأصل اعتبار المماثلة في الحال وإن لا يباع الرطب بالتمر خولف في الأصل في بيع الرطب بالتمر فبقي فيما عداه على قضية الدليل.
قال القاضي والأول أصح لأنه ينبني على خرص الثمار في العشر والصحيح خرصة تمراً ولأن المماثلة في بيع التمر بالتمر معتبرة حالة الادخار وبيع الرطب بمثله تمراً يفضي إلى فوات ذلك، فأما ان اشتراها بخرصها رطباً لم يجز وهذا أحد الوجوه لاصحاب الشافعي والثاني يجوز والثالث لا يجوز مع اتفاق النوع ويجوز مع اختلافه.
ووجه جوازه ماروى الجوزجاني عن أبي صالح عن الليث عن ابن شهاب عن سالم عن ابن
عمر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو التمر ولم يرخص في غير ذلك، ولأنه إذا جاز بيعها بالتمر مع اختصاص أحدهما بالنقص في ثاني الحال فلأن يجوز مع عدم ذلك أولى ولنا ما روى مسلم بإسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تؤخذ بمثل خرصها تمراً، وعن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر وقال " ذلك الربا تلك المزابنة " إلا أنه أرخص في العرية النخلة أو النخلتين يأخذهما أهل البيت بخرصهما تمراً يأكلونها رطباً ولأنه مبيع يجب فيه مثله تمراً فلم يجز بيعه بمثله رطباً كالتمر الجاف، ولأن من له رطب فهو مستغن عن شراء الرطب بأكل ما عنده وبيع العرايا يشترط فيه حاجة المشتري على ما أسلفناه وحديث ابن يحيى شك في الرطب والتمر فلا يجوز العمل مع الشك سيما وهذه الأحاديث تثبته وتزيل الشك (الخامس) التقابض في المجلس وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفا ولا نعلم فيه مخالفاً لأنه بيع تمر بتمر فاعتبر فيه شروطه إلا ما استثناه الشرع مما لم يمكن اعتباره في بيع العرايا، والقبض في كل واحد منهما على حسبه ففي التمر اكتياله وفي الثمر التخلية، وليس من شروطه حضور التمر عند النخيل بل لو تبايعا بعد معرفة التمر والثمرة ثم مضيا جميعا إلى النخيل فسلمه إلى مشتريه ثم مضيا إلى التمر فسلمه البائع أو تسلم التمر أولا ثم مضيا إلى النخل فسلمه جاز لأن التفرق لم يحصل قبل القبض.
إذا ثبت هذا فإن بيع العرية يقع على وجهين (أحدهما) أن يقول بعتك ثمرة هذه النخلة بكذا ويصفه الثاني أن يكيل من التمر بقدر خرصها ثم يقول بعتك هذا بهذا، أو بعتك ثمرة النخلة بهذا التمر ونحو هذا فإن باعه بمعين فقبضه بنقله وأخذه وإن باعه بموصوف فقبضه بكيله {مسألة}(فيعطيه من التمر مثل ما يؤول إليه ما في النخل عند الجفاف وعنه يعطيه مثل رطبه وقد ذكرناه)(فصل) ولا يشترط في العرية أن تكون موهوبة لبائعها، وبه قال الشافعي وظاهر قول الخرقي أنه شرط، وقال الأثرم سمعت أحمد يسئل عن تفسير العرايا فقال: العرايا أن يعري الرجل الجار أو القرابة للحاجة والمسكنة فللمعري أن يبيعها ممن شاء، وقال مالك بيع العرايا الجائز هو أن يعري الرجل الرجل نخلات من حائطه ثم يكره صاحب الحائط دخول الرجل المعرى حائطه لأنه ربما كان مع أهله في الحائط