للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيؤذيه دخول صاحبه عليه فيجوز أن يشتريها منه، واحتجوا بأن العرية في اللغة هبة ثمرة النخيل عاما قال أبو عبيد الإعراء أن يجعل الرجل للرجل ثمرة نخله عامها ذلك قال شاعر الأنصار: ليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح يقول إنا نعريها الناس، فتعين صرف اللفظ الى موضوعه لغة ومقتضاه في العربية ما لم يوجد ما يصرفه عن ذلك.

ولنا حديث زيد بن ثابت وهو حجة على مالك في تصريحه بجواز بيعها من غير الواهب ولأنه لو كان لحاجة الواهب لما اختص بخمسة أوسق لعدم اختصاص الحاجة بها ولم يجز بيعها بالتمر لان لأن الظاهر من حال صاحب الحائط الذي له النخل الكثير يعريه الناس أنه لا يعجز عن اداء ثمن العرية.

وفيه حجة على من اشترط كونها موهوبة لبائعها لأن علة الرخصة حاجة المشتري إلى أكل الرطب ولا ثمن معه سوى التمر فمتى وجد ذلك جاز البيع، ولأن اشتراط كونها موهوبة مع اشتراط حاجة المشتري إلى أكلها رطباً ولا ثمن معه يفضي إلى سقوط الرخصة إذ لا يكاد يتفق ذلك، ولأن ما جاز بيعه لواهبة إذا كان موهوباً جاز وإن لم يكن موهوباً كسائر الأموال وما جاز بيعه لواهبة جاز لغيره كسائر الأموال وإنما سمي عرية لتعريه عن غيره وافراده بالبيع {مسألة} (ولا يجوز في سائر الثمار في أحد الوجهين) لا يجوز بيع العرية في غير النخيل اختاره أبو حامد وهو قول الليث إلا تكون ثمرته مما لا يجري فيه الربا فيجوز بيع رطبها بيابسها لعدم جريان الربا فيها، وقال القاضي يجوز في سائر الثمار وهو قول مالك والاوزاعي قياساً على ثمرة النخيل، ويحتمل أن يجوز في العنب دون غيرهما وهو قول الشافعي لأن العنب كالرطب في وجوب الزكاة فيه وجواز خرصه وتوسيقه وكثرة يابسه واقتنائه في بعض البلدان والحاجة إلى أكل رطبه، والتنصيص على الشئ يوجب ثبوت الحكم في مثله ولايجوز في غيرهما لاختلافهما في أكثر هذه المعاني فإنه لا يمكن خرصها لتفرقها في الأغصان واستتارها بالأوراق ولا يقتات يابسها فلا يحتاج إلى الشراء به، ووجه الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة التمر بالثمرة إلا أصحاب العرايا فإنه أذن لهم، وعن بيع العنب بالزبيب وكل ثمر بخرصة وهذا حديث حسن رواه

الترمذي وهو يدل على تخصيص العرية بالتمر فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلا وعن كل ثمر بخرصه ولان الأصل يقتضي تحريم بيع العرية وإنما جازت في ثمرة النخيل رخصة ولا يصح قياس غيرها عليها لوجهين (أحدهما) أن غيرها لا يساويها في كثرة الاقتيات بها وسهولة خرصها وكون الرخصة في الأصل لأهل المدينة، وإنما كانت حاجتهم إلى الرطب دون غيره (الثاني) أن القياس لا يعمل به إذا خالف نصاً وقياسهم يخالف نصوصاً غير مخصوصة، وإنما يجوز التخصيص بالقياس على المحل المخصوص ونهى عن بيع العنب بالزبيب لم يدل على تخصيص فيقاس عليه وكذلك سائر الثمار {مسألة} (ولا يجوز بيع جنس فيه الربا بعضه ببعض ومع أحدهما أو معهما من غير جنسهما

<<  <  ج: ص:  >  >>