ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه) عاد الاستثناء إلى الجملتين جميعاً ولأن الاستثناء يغاير ما قبله فعاد الجمل المعطوف بعضها على بعض بالواو كالشرط فإنه لو قال امرأته طالق وعبده حر إن لم يقم عاد الشرط إليهما كذا الاستثناء بل عود الاستثناء إلى الشهادة أولى لأن رد الشهادة هو المأمور به فيكون الحكم والتفسيق خرج مخرج الخبر والتعليل لرد الشهادة فعود الاستثناء إلى الحكم المقصود إلى
من رده إلى التعليل وحديثهم ضعيف يرويه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف قال ابن عبد البر لم يرفعه في روايته حجة، وقد روي من غير طريقه ولم يذكر فيه هذه الزيادة فدل ذلك على أنها من غلطة ويدل على خطئه قبول شهادة كل محدود في غير المقذوف بعد ثبوته ثم لو قدر صحته فالمراد به من لم يتب بدليل كل محدود تاب سوى هذا.
وأما الفصل الأول فدليلنا فيه الآية فإنه رتب على رمي المحصنات ثلاثة أشياء إيجاب الجلد ورد الشهادة والفسق فيجب أن يثبت رد الشهادة بوجود الرمي الذي لم يمكنه تحقيقه كالجلد ولأن الرمي هو المعصية والذنب الذي يستحق به العقوبة وتثبت به المعصية الموجبة رد الشهادة، والحد كفارة تطهير فلا يجوز تعليق رد الشهادة به، وإنما الجلد ورد الشهادة حكمان للقذف فيثبتان جميعاً به وتخلف استيفاء أحدهما لا يمنع ثبوت الآخر، وقولهم إنما يتحقق بالجلد لا يصح لأن الجلد حكم القذف الذي تعذر تحقيقه فلا يستوفى قبل تحقق القذف، وكيف يجوز أن يستوفى حد قبل تحقق سببه ويصير متحققاً بعده هذا باطل