(فصل) والقاذف في الشتم ترد شهادته وروايته حتى يتوب والشاهد بالزنا إذا لم تكمل بالبينة تقبل روايته دون شهادته وحكي عن الشافعي أن شهادته لا ترد ولنا أن عمر لم يقبل شهادة أبي بكرة وقال له تب أقبل شهادتك وروايته مقبولة ولا نعلم خلافاً في قبول رواية أبي بكرة مع رد عمر شهادته (مسألة)(وتوبته أن يكذب نفسه وقيل إن علم صدق نفسه فتوبته أن يقول قد ندمت على ما قلت ولا أعود إلى مثله وأنا تائب إلى الله تعالى منه) ظاهر كلام أحمد والخرقي أن توبة القاذف اكذابه نفسه فيقول كذبت فيما قلت وهذا منصوص الشافعي واختيار الاصطخري من أصحابه قال ابن عبد البر وممن قال هذا سعيد بن المسيب وطاوس وعطاء والشعبي وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيدة لما روي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قول الله تعالى (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)
قال ثوبته إكذاب نفسه ولأن عرض المقذوف يلوث بقذفه فإكذابه نفسه يزيل ذلك التلويث فتكون التوية، وذكر القاضي أن القذف إن كان سباً فالتوبة منه إكذاب نفسه وإن كان شهادة فالتوبة منه أن يقول القذف حرام باطل ولن أعود إلى ما قلت وهذا قول بعض أصحاب الشافعي قال وهو المذهب لأنه قد يكون صادقاً فلا يؤمر بالكذب والخبر محمول على الاقرار بالبطلان لانه نوع إكذاب.
قال شيخنا والأولى أنه متى علم من نفسه الصدق فيما قذف به فتوبته الاستغفار والاقرار ببطلان ما قاله وتحريمه فإنه لا يعود إلى مثله وإن لم يعلم صدق نفسه فتوبته إكذاب نفسه