فإن قيل: كيف يجوز أن تعتقدوا صحة هذه الأخبار، وقد رويتم من الطرق الصحاح: ن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردًا، وكذلك أصحابه، وأنه فسخ على أصحابه، فاعترضوا عليه، فقال:«[لو] استقبلت من أمري ما استدبرت، لجعلتها عمرًة، ولكن لبدت رأسي»، واعتمدتم على ذلك في جواز فسخ الحج إلى العمرة، فلا يخلو:
إما أن يكون ما رويتموه من التمتع باطلًا، وما رويتموه من الإفراد صحيحًا، فلا يصح احتجاجكم به في فعل التمتع.
أو يكون ما رويتموه من التمتع صحيحًا، وما رويتموه من الإفراد باطلًا، فلا يصح احتجاجكم به في فسخ الحج.
قيل: يمكن الجمع بينهما من غير إسقاط أحدهما، وهو: أنه حين أمر أصحابه بالفسخ كان محرمًا بالحج، وكانت العمرة قد سبقت منه، وتحلل منها، وهذا ظاهر حديث ابن عمر: بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج.
فبين أن العمرة سبقت منه، ثم أحرم بالحج، فحصل أمره لهم بالفسخ في حال تلبسه بالحج، وامتنع من الفسخ بعد ذلك لوجهين: