ويمكن الباحث أن يلاحظ في دمشق وحدها قصوراً على الطراز العربي القديم مشتملةً على وسائل الراحة والرفاهية مع الذوق لا يرى مثلها في أرقى مساكن أوربة، ومن دواعي الأسف أن نرى سنة الكون تجري حكمها على هذه القصور فتزول.
شكل ١ - ١٣: محراب المسجد الأقصى ومنبره بالقدس (من تصوير المؤلف الفوتوغرافي).
وبما أنني سأتكلم في فصل آخر عن أحد هذه القصور فإنني أكتفي الآن بذكر الجامع الكبير الذي هو أقدم مباني دمشق.
بني الجامع الكبير، الذي يرجع قسم منه، على الأقل، إلى ما بعد الهجرة بزمن قليل، على أنقاض معبد وثني حوله النصارى إلى كنيسة، ثم التهمته النيران في سنة (٤٦١ هـ/ـ ١٠٦٩ م) فجدد بناؤه، وهو دون ما كانت عليه حالته الأولى، وأقل أهمية من مساجد القاهرة على الخصوص.
وأقيم جامع دمشق الكبير على هيئة المساجد الإسلامية الأولى، فهو يتألف مثلها من ساحة كبيرة قائمة الزوايا ذات أروقة خصص بعضها للصلاة، وأقيمت على أركانها مآذن، وسنصف في الفصل الذي نتكلم فيه عن عرب مصر مساجد كثيرة من هذا الطراز.
وروى مؤرخو العرب أن الرخام النادر كان يستر أسفل جدران ذلك المسجد الجامع، وأن الفسيفساء كانت تستر أعلاها كما تستر قبته، وأن سقفه كان مصنوعاً من الخشب