للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علومها وفنونها وطرق حكمها، وكانوا بذلك على نقيض الروم الذين سلموا إلى العرب تراث تلك الحضارات من غير أن ينتفعوا به، والذين سقطوا في أسفل دركات الانحطاط.

شكل ٢ - ١: مسجد أورفة (العراق، من تصوير فلاندان).

وكان حب العرب للعلم عظيماً، ولم يترك الخلفاء في بغداد طريقاً لاجتذاب أشهر العلماء ورجال الفن في العالم إلا سلكوها، ومن ذلك أن شهر أحد أولئك الخلفاء الحرب على قيصر الروم؛ ليأذن لأحد الرياضيين المشهورين في التدريس ببغداد.

وكان العلماء ورجال الفن والأدباء من جميع الملل والنحل، من يونان وفرس وأقباط وكلدان، يتقاطرون إلى بغداد، ويجعلون منها مركزاً للثقافة في الدنيا، وقال أبو الفرج عن المأمون إنه «كان يخلو بالحكماء، ويأنس بمناظرتهم، ويلتذ بمذاكرتهم علماً منه بأن أهل العلم هم صفوة الله من خلقه ونخبته من عباده ... فلهذا السبب كان أهل العلم مصابيح الدجى وسادة البشر، وأوحشت الدنيا لفقدهم.»

وكان أولئك يحيطون بخلفاء بغداد، وكان يمكن هؤلاء الخلفاء أن يعدوا قصرهم أول قصور العالم وأنضرها، وتتجلى لنا أبهة بغداد الشرقية بالقول الآتي الذي وصف به المؤرخ العربي، أبو الفداء، استقبال أحد الخلفاء العباسيين لسفير قيصر الروم في سنة ٣٠٥ هـ.

قال أبو الفداء:

<<  <   >  >>