شكل ٥ - ٦: مئذنة مسجد سيدي عقبة الكبير في القيروان (من صورة فوتوغرافية).
والاستقرار ومزاولة الزراعة كما يتعذر منع كلب الصيد من تعقب الطرائد، وقد يتم ذلك، ولكن بعد قرون، لا في يوم واحد.
وإذا ما قيس البربر الحضريون بالعرب الحضريين لم ير ما يسوغ الادعاء بأن البربر أكثر استعداداً للتمدن من العرب، وعكس ذلك ما تثبته حوادث التاريخ، فلقد بلغ العرب، لا البربر، درجة رفيعة من الحضارة.
وأرى العرب والبربر غير مستعدين في الوقت الحاضر، لهضم طرق حياة الأوربيين ومشاعرهم ونظرهم إلى الأمور، وذلك أن الحضارة عند أكثر الأوربيين هي قضاؤهم المعظم أوقاتهم، وإن شئت فقل عشر ساعات أو اثنتي عشرة ساعة، في المعامل أو المكاتب أو الحقول؛ لنيل عيشهم اليومي على أن يستأنفوا العمل في الغد، وأن عيشا مثل هذا مما لا يرضاه العربي والبربري اللذان ليس لديهما من الاحتياجات المصنوعة ما عند الأوربي، واللذان يأبيان أن يكون لهما مثل تلك الاحتياجات.