أتم العرب فتح إسبانية بسرعة مدهشة، وذلك أن المدن الكبيرة سارعت إلى فتح أبوابها للغزاة، فدخل الغزاة قرطبة ومالقة وغرناطة وطليطلة صلحاً تقريباً، ووجد العرب في طليطلة التي كانت عاصمة النصارى تيجان خمسة وعشرين ملكاً قوطياً، وأسروا أرملة للملك القوطي، رودريك، التي تزوجها ابن القائد موسى بن نصير فيما بعد.
شكل ٦ - ٢: داخل جامع قرطبة.
وأحسن العرب سياسية سكان إسبانية كما أحسنوا سياسة أهل سورية ومصر، فقد تركوا لهم أموالهم وكنائسهم وقوانينهم وحق المقاضاة إلى قضاة منهم، ولم يفرضوا سوى جزية سنوية تبلغ ديناراً (١٥ فرنكاً) عن كل شريف ونصف دينار عن كل مملوك، فري سكان إسبانية بذلك طائعين، وخضعوا للعرب من غير مقاومة، ولم يبق على العرب إلا أن يقاتلوا الطبقة الأريستوقراطية المالكة للأرضين.
ولم يدم القتال طويلاً، وذلك أن العرب كسروا كل مقاومة، ودانت لهم جميع إسبانية في سنتين، ولكن لا إلى الأبد، فقد استرد النصارى ما يروه بعد جهاد ثمانية قرون.
ويروى، مع التوكيد، أن موسى بن نصير فكر، بعد فتح إسبانية، في العودة إلى سورية من بلاد الغول وألمانية، وفي الاستيلاء على القسطنطينية، وفي إخضاع العالم