للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتألَّف عرب حوران المجاورون لبُصرى من أعراب وحضريين، فأما الأعراب: فلا يظهرون في حوران إلا صيفاً، ويرحلون في الشتاء إلى العراق أو إلى وادي الأردن، أما الحضريون: فهم جَمع من الزمر التي تجمع بينها صلة القرابة، فتخضع لرئيس أسرةٍ خضوعاً تشابه به نظام القبيلة الفطري كما يرى.

وجميع تلك الزمر من الزمر الزراعية، وهي إذ كانت قليلة الأهلين بالنسبة إلى اتساع الأرضين الصالحة للفلاحة لا تحرث كل واحدةٍ منها سوى قسم.

وأَرضو كل قرية مشاعة بين أفرادها، ويستطيع كل واحد من هؤلاء أن يزرع منها بنسبة ما عنده من البقر، وتباع الحبوب، التي تزيد على احتياجات بقر كل زمرة وجمالها من الأعراب أو من تجار دمشق، أو أن القوافل تنقلها إلى سواحل سورية لتُرسَل إلى أوربة.

وتَكُون المنتجات مال الزمَة خلا الدخل القليل الذي يناله بعض الأفراد من بعض المصادر وينفقونه كما يشاءون.

وتعد الصناعة، هنالك، في حكم المعدوم تقريباً، وذلك أن الأهلين يصنعون قليلاً من النسائج، ويبتاعون ما يحتاجون إليه منها من تجار دمشق الذين يشترون حبوبهم.

وتتألَّف كل زمرة من أسر كثيرة، قال مسيو دِبْلِبه:

لا يدل اسم الزمرة التي تضم أناساً كثيرين يعيشون تحت سقف واحد على كل واحد من أفرادها دلالةً واضحة، وإنما يضاف اسم ذلك الفرد إلى اسم أبيه فيقال: فلان بن فلان، وإذا ما كان للوالدين ولدٌ أضيف اسم كل منهما إلى اسمه فيقال: فلان أبو فلان أو فلانة أم فلان، وفي الغالب يُحذف اسم كل من الوالدين فيقال أبو فلان أو أم فلان، وإذا لم يكن للزوجين ولد لم يُكنيا لما في التكنية الوهمية من السَّبة، ويتسمَّى الناس باسم أسرٍ حينما تكون أسماء هذه الأسر من أسماء ذوي المجد والجاه من الأجداد الذين تَصلُح أسماؤهم أن تكون مدار فخرٍ للحفدة، وقد جرت العادة، مع هذا، على إطلاق اسم جد الأسرة المجيد على ربها العتيد وحده، وإن كان ذلك من حقوق جميع أفراد تلك الأسرة.

ويبلغ عدد أفراد كل أسرة في الزمرة، ومنهم الخدم، نحو ثلاثين شخصاً تابعين لرئيسها الذي هو أكبر أفرادها سناً، وتقوم النساء بتدبير منزل الأسرة حصراً، ويعاملن

<<  <   >  >>