في كل مكان حول رئيسٍ حفظاً لحياة أفرادها، والحق أن هذه الزمر الصغيرة ليست غير شركاتٍ لا بد منها لحفظ حياة الأعضاء الذين تتألف منهم، ويقوم نظام القبائل البدوية على مثل هذه الضرورة، ويتصف نظام القبائل هذا بعدم التحول اتصافها به.
وليس ببعيد أن كان عجز الفرد في كل مجتمع ضعيف النظام سبباً لظهور تلك الزمر، فإذا ما قامت حكومة مركزية مقام الزمر في حماية الأفراد زالت تلك الزمر عن الوجود أو كادت.
ونذكر، بجانب أفراد الأسر التي تتألف منها الزمر وتقاسمها المنافع، فريق الخدم الذين إما أن يكونوا قد أتوا من الخارج طلباً للرزق، وإما أن يكونوا من زمر أخرى لم يألفوا العيش فيها، وإما أن يكونوا من زمر منحلة لنكبة حلت بها أو لعلة أخرى.
وأمور الزراعة هي أكثر ما يمارسه هؤلاء الخدم الذين يصبحون بذلك من المزارعين، والذين يتقاضَون ربع الغلة غالباً في مقابل أعمالهم، ثم يعد هؤلاء الخدم من الأسرة ويأكلون من طعامها، وليس من القليل أن يتزوج خادم إحدى بناتها، ومما يحدث على العموم أن يشرط على الخادم ألا يأخذ أجرة سوى طعامه وثيابه لسنين كثيرة، وعقد مثل هذا يذكرنا بما صنعه يعقوب مع لابان ليتزوج راحيل، وعقد مثل هذا يثبت لنا ضعف التحول في طبائع العرب وعاداتهم منذ العصر الإسرائيلي، وقد يحدث أحياناً، كما كان يحدث في ذلك العصر، أن يطالِب الحموُ بإطالة مدة الخدمة وإن لم يشرط ذلك في العقد.
وسواء على الخادم أتزوج إحدى بنات سيده أم اقتصد مبلغاً من المال؛ ليتزوج، وليشتري بعض الأنعام، وليؤلف أسرةً، وليزرع لحسابه الخاص، لا تكون الخدمة عند أولئك الناس الذين هم على الفطرة سوى مرحلة لبلوغ ما هو أعلى منها.
وجميع من ذكرنا من الأهلين هم من القائلين بمبدأ تعدد الزوجات، شأن جميع الشرقيين، والضرورات هي التي تبيح لهم تعدد الزوجات كما نبين ذلك في فصل آخر، والزوجات هن اللائي يحرضن أزواجهن قبل أي إنسان على تزوج نسوة أخرى.
ويوجد لحضريي حوران، ككل بلد مجاور للصحراء وكمعظم جزيرة العرب، صلات بالأعراب الذين يضطرون إلى السلب؛ لعدم كفاية ما تنتجه مواشيهم وخيولهم وجمالهم.
ومصالح الأعراب والحضريين متناقضة تناقض مصالح الصائد والطائر، فالصائد يرغب في أكل الطائر، والطائر يسعى لكيلا يأكله الصائد، ولكن الضرورة التي هي أقوى مهيمن على الإنسان لم تلبث أن وفقت بين مصالح فريقي العرب المتناقضة، وذلك أن