كتابَ تاريخٍ يعدل دراسة قوانين إحدى الأمم في بعض الأحيان، فالقوانين تدل، بما تُبْصر من الاحتياجات، وبما تأمر به وما تنهى عنه، على أحوال المجتمع الذي نشأت فيه كما نُبيِّن ذلك غير مرة.
شكل ٣ - ٢: كوب عربي قديم من البلور (من تصوير إيبِر).
وليس من الضروري أن يُعتَمَد على شريعة إحدى الأمم وحدها في استجلاء حالتها الاجتماعية إذا كان لهذه الأمة آثارٌ أخرى في التاريخ، وهي إذا كانت ذات حضارةٍ وأَنسالٍ كان أسهل على الباحث أن يدرس بقايا تلك الحضارة والأنَسَال للوقوف على حالتها الاجتماعية كما صنعنا ذلك في الفصول السابقة، ونحن حين وصفنا حياة العرب ورجعنا إلى الأزمنة التي نشأت فيها نُظُمهم أَعْدَدْنَا القارئ، بما فيه الكفاية، ليتمثَّل النظم التي ندرسها الآن، وليُدرِك تأثير المشترعين الضئيل في تكوينها.
ومن الضروري أن يُبْحَث على هذا النمط في شؤون الأمم التي يُراد وصفها واكتناهُ نظامها الاجتماعي عرباً كانت هذه الأمم أو غيرهم، ونرجو أن يَحِلَّ الوقت الذي يُدرك الفقهاء فيه أهمية هذا، فيصبح علمُ الحقوق غير قائم على سَرْد موادِّ القوانين المُعَقَّدَة والمناقشات البيزنطية.