والخيل والجمال أكثر حيوانات جزيرة العرب نفعاً للإنسان، فأما الجمل، وهو أفضل حيوان أهلي عند العرب، فلا تُقطع البادية بغيره، وهو لقناعته وقوته واحتماله المشاقَّ وصبره على العطش أياماً، لا يقوم مقامه حيوانٌ في الركوب وحمل الأثقال، وهو يستطيع أن يجوب البادية بين حلب والبصرة حاملاً ٥٠٠ رطل مع علف قليل، وهو يقدر أن يأكل ما لا يقدر حيوانٌ عليه من الطعام، وقد عجبت منه حين رأيته يأكل هادئاً مطمئناً أوراق الصبار التي تكون على جوانب الطرُّق فيشبه شوكها المسلاَّت.
وأما الخيول العربية؛ فذات شهرة عالمية، وهي إذ وُصف غير مرة، وكان ما قاله بلغريق من أحسن ما قيل فيها، فإنني أقتطف منه ما يأتي:
إن الخيول العربية، وهي قويةٌ عصبية رشيقة، مفتخرة بعتقها، مختالةٌ في مراتعها، مثال الأناقة في شكلها والكمال في صفاتها، وهي برؤوسها الصغيرة النحيفة، وأحداقها الوهَّاجة، ومناخيرها الواسعة، وكواهلها الناهضة، وجوانبها الممتلئة القصيرة، وأكفالها الطويلة، وذيولها المتموجة، وقوائمها الدقيقة المتينة عنوان الجمال، وهي بدعتها وبأسها وقناعتها وسرعة عدْوٍها تفضُلُ أحسن الأنواع الأوربية، ويَعُدُّ الأعراب خمسة أنواع أصيلة للخيل متولدة من خمسة حُجُور كان يركبها الرسول على زعمهم، وعندما تلد الحِجْر الأصيلة مُهراً