للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكل ٥ - ١٣: نوافذ زجاجية في مكان الصلاة من المسجد الأقصى بالقدس (من تصوير المؤلف الفوتوغرافي).

وكان يمكننا أن نختم هذا الفصل بقولنا: إن أصول الأخلاق في القرآن عاليةٌ علوَّ ما جاء في كتب الديانات الأخرى جميعها، وإن أخلاق الأمم التي دانت له تحولت بتحول الأزمان والعروق مثل تحول الأمم الخاضعة لدين عيسى، وإن التحول نشأ عن عوامل لم يكن للمبادئ الدينية أثرٌ كبير فيها، غيرَ أن أهمَّ نتيجة يمكن استنباطُها من جميع ما تقدم: هي تأثير القرآن العظيم في الأمم التي أذعنت لأحكامه، فالديانات التي لها ما للإسلام من السلطان على النفوس قليلة جداً، وقد لا تجد ديناً اتفق له ما اتفق للإسلام من الأثر الدائم، والقرآن هو قُطب الحياة في الشرق، والقرآن هو ما نرى أثره في أدق

شؤون الحياة.

أجل، دَخَلَت دولة العرب في ذمِّة التاريخ، بيد أن الدين، الذي كان سبباً في قيامها لا يزال ينتشر، ويسيطر ظلُّ النبي من قبره على ملايين المؤمنين الذين يسكنون أقطار إفريقية وآسية الواسعة الواقعة بين مراكش والصين والبحر المتوسط وخط الاستواء.

أجل، إن الإنسان ألعوبةٌ في يد كثير من السادة من غير أن يَدرِي، ولكن أشد هؤلاء السادة جبروتاً هم الذين يقضي الإنسان حياته مستغيثاً بهم خائفاً منهم، ويَسفِك الدماء ويذرِف الدموع من أجلهم، ويشهَر أقسى الحروب، ويقترف أفظع الجرائم في سبيلهم، مع أنهم ليسوا غيرَ ظلالٍ عابرة مقيمة بعالم الرؤى والأوهام.

<<  <   >  >>