شكل ٥ - ١٢: دراويش دوارون (مولوية، من رسم إعدادي).
وما تقدَّم يُثبِت، بدرجة الكفاية، فسادَ الرأي الأوربي القائل:«إن دين محمد هو سببُ ما يشاهَد في بعض أمم الشرق من الانحطاط»، ورأيٌ فاسد مثل هذا مصدره ما قيل من إبداعه لمبدأ تعدد الزوجات، وما زُعم من أن جبريته تحمل الإنسان على الكسل، وما أذيع من أن محمداً لا يطالب أتباعه بغير الشعائر السهلة؛ فالقارئ الذي سار معنا إلى هنا يرى درجة بُعْد هذه المزاعم من الصحة، وقد رأينا أن مبدأ تعدد الزوجات كان شائعاً في الشرق قبل ظهور مُحَمَّد بقرون كثيرة، وأن جبرية القرآن ليست أشدَّ مما جاء في كتب الأديان الأخرى، وأن العرب، إذا كانوا جبريين بسجيتهم، ولم تؤدِّ جبريتُهم إلى الخمول ما شادوا دولةً عظيمة، وأن أصول الأخلاق في القرآن ساميةٌ سموَّ ما جاء في أي كتاب ديني آخر، وهذا إلى أن القرآن لو كان عاملاً في انحطاط مسلمي الشرق لوجب أن يَتَفَلَّت من ذلك الانحطاط الشرقيون الذين لا يقولون بمبدأ تعدد الزوجات ولا يَبْدُون جَبريين كنصارى سورية. ونصارى سورية، كما أجمع كلُّ من بَحَث في أمور الشرق، أحطُّ أخلاقاً من المسلمين بدرجات.