يَثبُت بغير التجربة ــ مبادئَ قال بها أساتذة من العرب، وكان العرب، في القرن التاسع من الميلاد، حائزين لهذا المنهاج المُجدي الذي استعان به علماء القرون الحديثة بعد زمن طويل للوصول إلى أروع الاكتشافات.»
شكل ١ - ٢: زاوية قديمة للدراويش، وعين ومدرسة في القاهرة (من تصوير كوست)
قام منهاجُ العرب على التجربة والترصد، وسارت أوربة في القرون الوسطى على درس الكتب والاقتصار على تكرار رأي المعلم، والفَرق بين النهجين أساسي، ولا يمكن تقدير قيمة العرب العلمية إلا بتحقيق هذا الفرق.
واختبر العربُ الأمور وجَرَّبوها، وكانوا أول من أدرك أهمية هذا المنهاج في العالم، وظلوا عاملين به وحدهم زمناً طويلاً، قال دُو لَنْبر في كتاب «تاريخ علم الفلك»: «تَعُدُّ راصديْن أو ثلاثة بين الأغارقة، وتَعُدُّ عددًا كبيرًا من الرُّصاد بين العرب»، وأما في الكيمياء فلا تجد مُجرِّباً يونانياً مع أن المجَربين من العرب يُعَدُّون بالمئات.
ومنح اعتماد العرب على التجربة مؤلفاتِهم دقةً وإبداعاً لا يُنتَظر مثلهما من رجل تَعَوَّد درس الحوادث في الكتب، ولم يبتعد العرب عن الإبداع إلا في الفلسفة التي كان يتعذر قيامها على التجربة.
ونشأ عن مِنهاج العرب التجربي وصولُهم إلى اكتشافات مهمة، وسترى من مباحثنا في أعمال العرب العلمية أنهم أنجزوا في ثلاثة قرون أو أربعة قرون من الاكتشافات ما