للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلوم الجغرافية

العرب والعجم، فصار إماماً للمؤرخين يرجعون إليه، وأصلاً يُعوِّلون في تحقيق الكثير من أخبارهم.

ثم بدأ ابن حوقل، الذي وُلد كالمسعودي في بغداد برحلاته بعد أن تمت رحلات المسعودي، واسمَع ما قاله ابن حوقل في كتابه:

قد عَمِلْتُ كتابي هذا بصفة أشكال الأرض ومقدارها في الطول والعرض وأقاليم البلدان ومحلِّ الغامر منها والعمران، من جميع بلاد الإسلام، بتفصيل مدنها، وتقسيم ما تَفَرَّد بالأعمال المجموعة إليها، وقد جعلتُ لكل قطعة أفردتُها تصويراً وشكلاً يَحْكي موضعَ ذلك الإقليم، ثم ذكرتُ ما يحيط به من الأماكن والبقاع، وما في أضعافها من المدن والأصقاع، وما لها من القوانين والارتفاع، وما فيها من الأنهار والبحار، وما يحتاج إلى معرفته من جواملِ ما يشتمل عليه ذلك الإقليم من وجوه الأموال والجبايات والأعشار والخراجات والمسافات في الطرُقات، وما فيه من المجالب والتجارات؛ إذ ذلك علمٌ يتفرَّد به الملوك والساسة وأهل المروءات والسادة من جميع الطبقات.

ورافق البيرونيُّ السلطانَ محموداً الغزنوي في حملته التي جردها على بلاد الهند في سنة ١٠٠٠ م، ونشر ما شاهده في بلاد السند وشمال الهند، وحاول البيروني أن يُصَحح خريطة تلك البلاد مستنداً إلى حسابه الفلكي.

ويمكن أن نعُدَّ من السياح أبا الحسن الذي عاش في القرن الثالث عشر من الميلاد وذكرناه بين علماء الفلك، فقد اجتاب بالحقيقة شمالَ إفريقية الممتد من مراكش إلى مصر، وعَيَّنَ، تعييناً فلكياً، مواضع أربعٍ وأربعين مركزاً مهماً قاصداً تصحيح خريطة بطليموس عن الدوائر الإفريقية.

وآخر رحالة عربي كبير نذكره هو ابن بطوطة الذي بدأ بسياحاته في سنة ١٣٢٥ م، مسافراً من مدينة طنجة المراكشية ومُجَوِّلاً في إفريقية الشمالية ومصر وفلسطين والعراق وشمال جزيرة العرب إلى مكة، وفي روسية الجنوبية والقسطنطينية ... إلخ، والذي ذهب إلى بلاد الهند مارٍّا من بخارى وخراسان وقندهار، فبلغ مدينة دهلي التي كانت من العواصم الإسلامية، والتي أوفده سلطانها إلى عاهل الصين فانتهى إلى بلاد الصين بحراً، وقد زار في طريقه إلى الصين سيلان وسومطرة وجاوة، ووصل إلى المدينة التي تُعرف ببكين في الوقت الحاضر، ثم عاد إلى وطنه بطريق البحر.

<<  <   >  >>