شكل ٤ - ٢: خريطة الإدريسي العربية (١١٦٠، من رسم ف. دوسان مارتان).
وأقدمُ كتاب نعرفه عن العرب في علم الجغرافية هو الكتاب الذي نشره النضرُ البصري في سنة ٧٤٠ م، ففي هذا الكتاب عالج النضرُ مختلف الموضوعات التي لا تَمُتُّ إلى علم الجغرافية بصلة في الغالب، والتي يلوح أنها خاصة بأعراب على الخصوص.
ثم جاء الإصطخري، فألَّف كتاب الأقاليم في أواسط القرن التاسع من الميلاد، فكان أرقى من كتاب النضر البصري، وكتاب الإصطخري هذا لم يكن، مع ذلك، سوى إحصاء لما في مختلف الولايات من الأنهار والمدن والجبال ... إلخ.
وما كتبه المسعودي المعاصر للإصطخري والمقدسي في سنة ٩٨٥ م في علم الجغرافية هو من قبيل الرحلات أكثر من أن يكون من الكتب الجغرافية.
وأشهر جغرافيي العرب هو الإدريسي، ومن كُتب الإدريسي، التي تُرجمت إلى اللاتينية، تعلَّمت أوربة علم الجغرافية في القرون الوسطى.
وُلد الإدريسي في الأندلس، ثم ساقت الإدريسي مغامراتٌ كثيرة إلى بلاط ملك صقلية، روجر، بعد أن استولى النورمان عليها بزمن قصير، ولما كانت سنة ١١٥٤ م ألَّف الإدريسي كتابه الجغرافيَّ العظيم، مشتملاً على ما قيده المتقدمون في علم الجغرافية، وعلى ما رواه عن السياح من المعارف الكثيرة، وعلى عدة خرائط؛ فاقتصرت أوربة على نَسْخِه بدناءةٍ مدة ثلاثة قرون.