شكل ٥ - ٣: أسلحة نارية استعملها العرب في القرن الثالث عشر من الميلاد (ترى في هذه الصورة مدفعياً حاملاً بيده مدفعاً صغيراً مقرباً إياه من لهب لإشعال النار وقذف القنبلة، من ذلك المخطوط العربي القديم المحفوظ في بطرسبرغ).
ولا يخلو هذا الفزع من وهم، أي أن النار اليونانية إذا كانت نافعةً في المعارك البحرية للقضاء على سفن العدو فإنها لم تكن كذلك في البر، ولم يَرْوِ أحدٌ من المؤرخين أنها أَوْدَت بحياة أحدٍ من رجال سان لويس أو غيرهم في البر، وأطبقت النار اليونانية على سان لويس، وكثير من فرسانه من غير أن تصيبهم بأذى، فالنار اليونانية، وإن كان من طبيعتها التحريق، لم تصلُح للرَّشق، وهي، وإن كان يُقذَف بها، لم تنفع لرَمْي القذائف، وهي، وإن كانت من المحترقات، لم تكن لها خواص البارود في الانفجار.
وعُزِيَ اختراعُ البارود إلى روجر بيكن زمناً طويلاً، مع أن روجر بيكن لم يفعل غير ما فعله ألبرت الكبير من اقتباس المركَّبات القديمة، ولا سيما ما وصفه منها مَرْكُوس غَراكُوس في مخطوط كُتِبَ في سنة ١٢٣٠ م بعنوان «كتاب النار لإحراق الأعداء، والحقُّ أن كثيراً من هذه المركبات يشابه تركيب البارود، ولكنه كان يُستعمل في الأسهم النارية فقط، وهو مقتبس من العرب، لا ريب، كجميع المُرَكَّبات الكيماوية في القرون الوسطى. والعرب هؤلاء قد عَرَفوا الأسلحة النارية قبل النصارى بزمن طويل كما يأتي بيانه.
وأثبتت مباحث مسيو رينو ومسيو فافية، وقد سبقهما إليها الغزيريُّ وأنْدرِه وفيَارْدُو، أن العرب هم الذين اخترعوا بارود المدافع السهل الانفجار الدافعَ للقذائف، وبيان ذلك: أن ذينك المؤلفين رَأيا في بدء الأمر كما رأى غيرُهُما، أن أمر هذا الاختراع يعود إلى الصينيين، وأنهما رَجَعا في مذكرة ثانيةٍ نشراها سنة ١٨٥٠ م، وذلك بعدما