وُلِد ابن سينا سنة ٩٨٠ م، وتُوفي سنة ١٠٣٧ م، وكان في مقتبل عمره جابياً فارتقى إلى منصب وزير، وكُتُب ابن سينا ممتازةٌ مع وفاته غيرَ مُسِنٍّ بسبب إفراطه في العمل وانهماكه في اللذات.
ويشتمل «القانون» الذي هو كتاب ابن سينا المهم في الطب، على علم وظائف الأعضاء، وعلم الصحة، وعلم الأمراض، وعلم المعالجة، والمادةِ الطبية، ووُصِفَت فيه الأمراض بأحسن مما وُصِفَت به في الكتب التي ألُّفت قبله.
ونُقِلت كتب ابن سينا إلى أكثر لغات العالم، وظلت مرجعاً عاماً للطب ستة قرون، وبقيت أساساً للمباحث الطبية في جميع جامعات فرنسة وإيطاليا، وكان طبعها يُعاد حتى القرن الثامن عشر، ولم ينقطع تفسيرها في جامعة مونبلية إلا منذ خمسين سنة.
وكان ابن سينا منهمكاً في الشَّهوات انهماكه في العلوم، وقَصَّر انهماكه في الشهوات عمرَه كما ذكرنا ذلك آنفاً، ولذلك قيل: إن فلسفته لم تَمُنَّ عليه بالحكمة، وإن طبَّه لم يمنَّ عليه بالصحة.
وأبو القاسم القرطبي المتوفى سنة ١١٠٧ م هو أشهر جرَّاحي العرب، وتخيل أبو القاسم كثيراً من آلات الجراحة ورسمها في كتبه، ووصف أبو القاسم عملية سَحْق الحصاة في المثانة على الخصوص فعُدَّت من اختراعات العصر الحاضر على غير حق.
ولم يُعْرَف أبو القاسم في أوربة إلا في القرن الخامس عشر، وذاع صيته فيه، قال العالم الفزيولوجيُّ الكبير هالّر:«كانت كتب أبي القاسم المصدر العام الذي استقى منه جميعُ من ظهر مَن الجراحين بعد القرنِ الرابعَ عشرَ.»
والكتاب الكبير الذي دَرَس أبو القاسم فيه أمور الجراحة ينقسم إلى ثلاثة أبواب: فالباب الأول في مسائل الكي، والباب الثاني في العمليات التي تحتاج إلى الِمبْضَع وفي جراحة الأسنان والعيون والفتق والولادة وإخراج الحصاة، والباب الثالث في الكسر والانخلاع، وعلى ما في هذا الكتاب من ضعف في التقسيم نرى ما فيه من المعارف العملية دقيقاً جداً.
وطُبعت الترجمة اللاتينية الأولى لكتاب أبي القاسم في الجراحة سنة ١٤٩٧ م، والطبعة الأخيرة لهذا الكتاب حديثة جداً، أي تمت سنة ١٨٦١ م.
وكان لابن زُهر الأشبيلي، الذي عاش في القرن الثاني عشر من الميلاد، شهرةٌ عظيمة، وإن كانت دون شهرة أولئك، فقد كان مجرِّباً مصلحاً مُوَطِّئاً لعلم المداواة قائلاً: إن في البدن قوةً كامنة ناظمة للأعضاء كافيةً وحدها لشفاء الأمراض على العموم.