بعض ساترين عدم صلاحها بتلك الحنايا الدالة على مهارتهم الفائقة، فلو كان الترك في محل العرب ما عَنَّ مثلُ هذا الرأي لأدمغتهم الغليظة.
شكل ٧ - ٧: القسم الأعلى لإسكملة مصنوعة من البرونز المكفت بالفضة في القرن الثالث عشر
(وقد عرضت هذه الإسكملة في أول هذا الكتاب، من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف في القاهرة).
وما على القارئ إلا أن يتصفح صور هذا الكتاب؛ ليعلم قيمة آثار العرب الفنية العظيمة وقوةَ الإبداع فيها، وقد استوقفت هذه الآثار أنظار جميع وارثي العرب، ولم يفعل الشرق منذ ظهور العرب على مسرح العالم غير تقليدها كما قلَّد الغرب الأغارقة والرومان منذ قرون حتى الزمن الحاضر.
والحق أن وارثي العرب قَلدوا العرب، ومن خلال هذا التقليد نستطيع أن نتبين الفرق بين الفن المبتَكر والفن غير المبتَكر.
كان أمام الأمم التي حَلت محل العرب عناصر بيزنطية وعربية وهندوسية وفارسية ... إلخ، مختلفة باختلاف البلدان، فلم تفعل سوى تنضيدها عاجزةً عن استنباط طراز جديد من مجموعها، فإذا نظرت إلى إحدى بنايات المغول في الهند، مثلاً، أمكنك أن تقول: إن هذا الجزء منها فارسي، وإن ذاك الجزء منها هندوسي، وإن ذلك الجزء منها عربي، وقلْ مثل هذا عن المباني التي أقامها الترك الذين نَضَّدوا فيها عناصر الفنون السابقة من غير أن يمزجوا بعضها ببعض، ولكنك إذا أنعمت النظر في المباني