كُرههم للزوايا والأوجه الموحدة المُلس، كما ذكرت آنفاً، ويتجلى هذه الكره في جميع آثارهم الفنية، سواء أكانت مآذن أم جلودَ قرآن أم دُوِياً.
النقوش العربية ودقائق الزخرف: زخارف المباني العربية ذات طابع خاص ينتبه إليه، في الحال، حتى أجهل الناس بفن العمارة، وهذه الزخارف المؤلفة من رسومٍ هندسية ممزوجة بالكتابات من الأمور التي نرى رسمها أسهل من وصفها، وهي تابعةٌ لقواعد بسيطةٍ نص عليها مسيو بُرغوان على الرغم من ظواهرها الخيالية.
وكانت النقوش العربية تُنْقَر في الحجر كما في كثير من مساجد القاهرة، أو تُصَبُّ في قوالب كما في قصر الحمراء.
وللخط العربي شأنٌ كبير في الزخرفة، ولا غرو فهو ذو انسجام عجيب مع النقوش العربية، ولم يُستعمل في الزخرفة، حتى القرن التاسع من الميلاد، غيرُ الخط الكوفي ومشتقاته كالقرمطي والكوفي القائم الزوايا.
وتؤخذ هذه الكتابات من القرآن على العموم، وأكثر هذه الكتابات استعمالاً هو السطر الأول من القرآن، وهو:«بسم الله الرحمن الرحيم» أو القول الجامع الذي يلخص به الإسلام وهو: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله.»
وقد بلغ الخط العربي من الصلاح للزينة ما كان رجال الفن من النصارى في القرون الوسطى وفي عصر النهضة يُكثِرُون معه من استنساخ ما كان يقع تحت أيديهم اتفاقًا من قطع الكتابات العربية على المباني المسيحية تزييناً لها سائرين في ذلك مع الهوى، وقد شاهد مسيو لنغيريه ومسيو لافوا وغيرهما الشيء الكثير منها في إيطالية، ومما شاهده مسيو لافوا في مكان الأمتعة من كاتدرائية ميلانو «بابٌ مبنيٌ على طراز رسم البيكارين يحيط به إفريزٌ حجريٌ مؤلفٌ من كلمة عربية مكررةٍ عدة مرات وكتابةٌ عربيةٌ حول رأس المسيح المصور فوق أبواب القديس بطرس التي أمر بإنشائها البابا أوجين الرابع، وخطوطٌ كوفية طويلة على قميص القديس بطرس والقديس بولس، ومن دواعي أسفي عدم ترجمة هذا الكاتب لهذه الكتابات، فلعل الكتابة التي حول رأس المسيح هي كلمة: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله! »
الزخارف الملونة: اعتقد الناس زمناً طويلاً أن الأغارقة لم يلونوا مبانيهم وتماثيلهم، وإذ كان للقواعد التي اصطلح عليها الأغارقة قوةُ القانون عند الأمم اللاتينية نشأ فينا ذوقٌ مصنوع صِرنا نُعد به المباني البيض أبنيةً جميلةً جداً، غافلين عن أن أشعة الشمس على المباني البِيض تُعمي الأبصار وتُغرِق دقائقها، وعن أننا نُعْجَب بها بقوة