للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتم الجلاء والذبح، وعم الفرح إسبانية؛ لما ظن من دخولها عهداً جديداً.

شكل ١ - ١: قصر حديث في بهنا (البرتغال، طراز إسباني عربي، من صورة فوتوغرافية)

حقاً لقد ظهر عهدٌ جديد ما وجدت نتائج عظيمةٌ لهذا الاستئصال الجامع الذي لا نظير له في التاريخ، ويكون تقديرنا لأهمية هذه النتائج أتم إذا ما رجعنا بعض السنين إلى الخلف، وبحثنا في أمر إسبانية بعد اختفاء سلطان العرب السياسي عنها.

رأى النصارى، الذين هاجروا إلى المناطق الجبلية فراراً من سلطان العرب، إمكان إعادة دولتهم القديمة من بعد ما شاهدوا بدء تضعضع سلطان المسلمين في الأندلس بفعل تنافسهم وحروبهم الداخلية.

ولم تكلل أعمال هؤلاء النصارى بالنجاح في البداءة، ولكنهم لم يهنوا؛ لما كان يغلي في عروقهم من الحمية الدينية، وقد صار لهم ما للعرب من الخبرة الحربية بفضل الوقائع التي اشتركوا فيها عدة قرون ما دام القتال مهنتهم الوحيدة، وقد ساعدهم انقسام العرب على النجاح فاستطاعوا، بعد حروب طويلة، أن يقيموا دويلات لم تفتأ تعظم وتتحد حتى استولت بعد ثمانية قرون على غرناطة التي كانت عاصمة آخر دولة عربية في الأندلس، وبهذا أضحت جميع إسبانية قبضتها، وبدت إسبانية أول دولة حربية في أوربة.

<<  <   >  >>