ولم يكن الملك شارلكن وفليب الثاني أقل براعة من سلفهما فرديناند، وكان القرن الذي مر بين سقوط غرناطة ووفاة فليب الثاني دور عظمةٍ لإسبانية لن ترى مثله.
شكل ١ - ٢: ترس فليب الثاني في إسبانية (من صورة فوتوغرافية التقطها لوران).
أجل، كان العرب يضطهدون في جميع ذلك العهد، ولكن مع بقائهم، وكان العرب ذوي شأن فيه بما لهم من التفوق الثقافي، وكان العلماء وأرباب الصناعات والتجار من العرب وحدهم، لا من الإسبان الذين كانوا ينظرون إلى كل مهنة شزراً، خلا مهنة الإكليروس ومهنة الجندية.
وكانت إسبانية تشتمل، إذن، على جيلين مختلفين من الآدميين عاملين بمختلف الطرق على عظمتها، أحدُهما من النصارى القابضين على زمام السلطة العسكرية، والآخر من العرب القابضين على ناحية الحضارة المادية.
وكان وجود هذين الجيلين أمراً ضرورياً، وذلك أن السلطة العسكرية إذا كانت كافيةً لإقامة دولة فإنها تعجز وحدها عن إدامتها، وأن ازدهار هذه الدولة لا يكون إلا بتوافر بعض عناصر الحضارة، وأن تماسك هذه الدولة لا يدوم طويلاً إلا ببقاء هذه العناصر.