وترجِع نهاية تاريخ حضارة العرب في الشرق إلى اليوم الذي صارت مقادير دولتهم قبضة الترك بالقوة، أجَل، ما فَتِئ العرب يَحيَون في التاريخ بنفوذهم الديني، ولكن الشعوب التي خَلَفَتهم لم تستطع أن تُمسِك مستوى الحضارة الذي بلغوه. وكان الانحطاط عميقاً في مصر على الخصوص، وبدأ هذا الانحطاط عندما جعلت انتصارات السلطان سليم منها ولايةً من الدولة العثمانية، فقد أخذت الفنون والعلوم والصناعات تنطفئ فيها شيئاً فشيئاً.
وكان يدير مصر في العهد العثماني ولاةٌ مُتَقلِّبُون غيرُ مفكرين في غير الاغتناء بسرعة، ولم تلبث مصر أن وَقَعَت في ضنك العيش كبقية الولايات العثمانية التابعة للآستانة، وزال رَوْنَقَها القديم عنها، وصارت لا تقام فيها عمارةٌ جديدة، وأضحت مبانيها القديمة مهملةً، ولم يبقَ منها غيرُ ما سَمَح به الدهر.
شكل ١ - ٣: درقة قديمة لأحد ملوك غرناطة (من صورة فوتوغرافية).
ولا أحد يجهل ما آلت إليه الولايات العثمانية في الوقت الحاضر، ومن العبث أن نفيض في بيان أمرها، وإنما نقول، ملخصين لما قدرت به بإنصاف: إنها ليست خيراً