إكراه أمة على قطع هذه المراحل فجأة هي من الأوهام كالرغبة في جعل الطفل كهلاً قبل أن يصبح فتى.
وهذا السببُ وحده لا يفسر لنا، مع ذلك، قلة تأثير حضارتنا في الشرقيين، ما وُجِد بين عناصر حضارتنا ما هو بسيط سهل الملاءمة لاحتياجاتهم وما رفضوه أيضًا، ولذا فإن لعدم نجاحنا أسباباً أخرى.
ومن هذه الأسباب نذكر أن زيادة التعقيد في عناصر حضارتنا أسفرت عن كثرة احتياجاتنا المصنوعة، وأن هذه الاحتياجات المصنوعة المهيمنة أوجبت اضطرابًا شديدًا في حياة الأوربي الحديث فحملته على العمل المضنى في سبيل قضائها، فكان ما نرى من كُرْه الشرقيين لهذا الاضطراب والعمل المضنى، وقد عَطِلوا من احتياجاتنا.
شكل ١ - ٦: الوجهة الرئيسية لجامع السلطان أحمد بالآستانة (من صورة فوتوغرافية)
حقاً إن احتياجات الشرقيين من عرب وصينيين وهندوس وغيرهم ضعيفةٌ إلى الغاية؛ فالعربي يكتفي في لباسه بقطعة من المنسوجات، وفي طعامه بالماء وقليل من التمر، والهندوسي أو الصيني يكتفي في طعامه بحفنة من الأرز وقليل من الشاي، ولا تجد فيه كبيرَ احتياج في أمر المأوى، وقد نشأ عن زهد الصيني وفُقدان احتياجاته