للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكل ٢ - ٤: تاجر تونسي (من صور فوتوغرافية)

وعادت نُظُم القرآن، التي كانت عنوان احتياجات العرب في زمن محمد، لا تكون هكذا بعد بضعة قرون، والقرآن، إذ كان دستوراً دينياً ومدنياً وسياسياً في آن واحد، وكان لا يتبدل بسبب مصدره الإلهي، تَعَذَّر تعديل أحكامه الأساسية.

وتجلَّت نتائج الاختلاف - على الخصوص - بعد أن أخذ نجم سلطان العرب يَأفُل، وصار يتكرر رد الفعل الديني الذي أصبح يهدف باسم تجديد الإسلام، إلى وقوف الإسلام عند ظاهر أي القرآن، مع أن المسلمين في عصور خلفاء بغداد وقرطبة الزاهرة كانوا يعرفون جيداً أن يُعدِّلوا تعاليمهم وفق ما تقتضيه احتياجات الأمم التي رَضِيَتْ بها.

وتجلى محذور عدم القدرة على التعديل الكبير - على الخصوص - في نُظُم العرب السياسية التي تقضي بأن يَقْبِض على زمام الدولة وليُّ أمر واحد يجمع في يده جميع السلطات العسكرية والدينية والمدنية، فهذه النظم، وإن كانت وحدها تساعد على تأسيس دولة عظيمة بسهولة، تعدُّ أقل النظم صلاحًا لبقائها، والدول الكبرى المطلقة التي تكون جميع السلطات فيها قبضةَ رجل واحد، وإن كانت ذات قدرة عظيمة على

<<  <   >  >>