شكل ٣ - ١: أعراب من بادية الشام (من صورة فوتوغرافية).
وكان للعرب أثرٌ في الحروب التي تقع بين الرومان والفرس، وبلغ نفوذ العرب في الدولة الرومانية شأواً بعيداً، حتى إن أحدهم فليب العربي نصب قيصراً رومانياً في سنة ٢٤٤ م، وكان العرب يهددون سلامة آسية الصغرى ذات حين، ولم يقص العرب عن مجاورة آسية الصغرى إلا بهدم تدمر في عهد أوريليانوس سنة ٢٧٢ م، وتحويل سورية إلى ولاية رومانية، واتباع بعض سكانها ملوك الغساسنة العرب الذين كانوا تحت حماية القياصرة.
ولما صارت القسطنطينية عاصمة الدولة الرومانية نازع العرب الفرس والأغارقة سيادة الفرات، وسبق ذلك أن توطنت قبائل من عرب اليمن تلك البقاع وأنشأت، سنة ١٩٥ م، في جنوبها، وعلى ضفتي الفرات وبالقرب من المكان الذي أقيمت عليه مدينة الكوفة فيما بعد، مدينة الحيرة الشهيرة التي انقلب ملوكها العرب ينافسون أكاسرة الفرس وقياصرة الروم في الترف والعظمة، «وكانت قصور الحيرة مؤثثة بأثمن الأثاث، وكانت حدائقها مكسوةً بأعز الأزهار، وكانت قواربها الأنيقة الساطعة الأنوار تشق الفرات ليلاً حاملةً أغنى الأمراء وأمهر الموسيقيين، وأطلق العرب لأنفسهم عنن الخيال؛ فقصوا علينا أنباء القصور الساحرة العجيبة التي أضحت، لا ريب، أجمل مساكن الشرق وأطيبها».