ورأى محمد بعد ذلك الإخفاق أن يروح أصحابه، فخف بهم إلى مدينة خيبر المحصنة المهمة الواقعة في شمال المدينة الغربي، والبعيدة منها مسيرة خمسة أيام، والتي كانت تقطن فيها قبائل يهودية، والتي كانت مقر تجارة اليهود، ففتحها عنوة، وشعر محمد بدنو أجله بعد خيبر، وذلك أن زينب اليهودية أهدت إليه شاة مسمومة، فأخذ منها قطعة ولاكها، ثم لفظها بعد أن ذاق طعماً غريباً فيها، وقال:«تخبرني هذه الشاة أنها مسمومة»، ثم دعا بزينب الإسرائيلية فاعترفت اعترافاً دقيقاً، ونجت من العقاب حين قالت:«لقد بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكاً استرحت منه، وإن كان نبياً فسيخبر»، ولم تزل أكلة خيبر تعاوده مع حماية الله له، فتوفي بتأثيرها بعد ثلاث سنين كما روى المؤرخون.
شكل ١ - ٢: مخيم حجاج بالقرب من المدينة (من صورة فوتوغرافية).
ولما أحس محمد نمو سلطانه عم على فتح مكة، وألف جيشاً من عشرة آلاف محارب، أي ألف جيشاً لم يسبق أن جمع مثله، وبلغ محمد أسوار مكة، وفتحها به من غير قتال، وذلك بقوة ما تم له من النفوذ.
وعامل محمد قريشاً، الذين ظلوا أعداءً أشداء له عشرين سنة، بلطف وحلم، وأنقذهم من سورة أصحابه بمشقة، مكتفياً بمسح صور الكعبة وتطهيرها من الأصنام (الـ ٣٦٠)