التي أمر بكبها على وجوهها وظهورها، وبجعل الكعبة معبداً إسلامياً، وما انفك هذا المعبد يكون بيت الإسلام.
ودخل أكثر القبائل المجاورة في الدين الإسلامي على أثر فتح مكة، وحاولت بعض القبائل أن تقاوم، فهزمت شر هزيمة.
وهنالك بلغ محمد أوج مجده، فعزم على غزو سورية التي كان يعتقد أن أصحابها الروم يهددون حدوده.
واستطاع محمد أن يجمع جيشاً مؤلفاً من ثلاثين ألف مقاتل، ووجد عشرة آلاف فارس بين هؤلاء المقاتلين، ولما وصل إلى تبوك الواقعة في منتصف الطريق بين المدينة ودمشق علم أن الروم أقلعوا عن غرضهم، فلم يتابع سيره، ولم يخل زحفه هذا من فائدة، إذ نتج عنه أن خضع للنبي أمراء البلاد العربية المجاورة لمصر وسورية.
ورغب محمد في زيادة نفوذه حتى قبل فتح مكة، فأرسل كتباً إلى جميع الجهات، وإلى أقوى ملوك الأرض أيضاً، يدعو فيها إلى الإسلام، وساق إلى ملك غسان الذي كان من عمال ملوك الروم جيشاً صغيراً لم يكتب له غير الفرار، وكانت هذه الغزوة، وهي الوحيدة التي وقعت خارج جزيرة العرب في أثناء حياته، ذات نفع، فلم يلبث العرب الذين وكل إليهم أمر حفظ الحدود أن انحازوا إلى النبي حين أخر هرقل عنهم رواتبهم.
ولم تثمر كتب محمد إلى الملوك، وقد قص التاريخ علينا أن رسول محمد وصل إلى كسرى حين كان السفراء يمضون معاهدة السلم بين كسرى وهرقل، وأنه عندما ألقي كتاب محمد إلى كسرى، ورأى فيه اسم محمد قبل اسمه ووجد، وهو ملك الملوك، أن هذا يتضمن أفضلية محمد عليه -وفق رأي الشرقيين- مزق الكتاب غاضباً قبل أن يقرأه، وداسه تحت قدميه، وقال:«يكاتبني بهذا وهو عبدي»، وأن النبي لما بلغه ذلك قال:«مزق الله ملكه كما مزق كتابي».
وقد قبلت دعوة النبي، فمق خلفاؤه ملك كسرى كل ممزق من فورهم.
ولم يكتف كسرى بتمزيق كتاب محمد، بل بعث إلى عامله باليمن، «أن أبعث إلي هذا الرجل الذي يزعم في الحجاز أنه نبي»، ولكن ابن كسرى قتل أباه هذا قبل أن يقوم عامل اليمن بتنفيذ ذلك الأمر الصعب.
ومضى على الهجرة عشر سنين، فخرج النبي حاجاً إلى مكة، وكان هذا آخر حج قام به، قال أبو الفداء: «ثم رجع إلى المدينة، وبدأ به مرضه وهو في بيت زينب بنت جحش، وكان يدور على نسائه حتى اشتد مرضه وهو في بيت ميمونة بنت الحارث، فجمع نساءه