واستأذنهن في أن يمرض في بيت إحداهن، فأذن له في أن يمرض في بيت عائشة، فانتقل إليه.»
وشعر محمد بدنو أجله، وأراد أن يودع قومه فجمعهم وشكر لله توفيقه لإكمال رسالته، ثم قال:«أيها الناس من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد مني، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يخش الشحناء من قبلي؛ فإنها ليست من شأني.»
فادعى عليه رجل ثلاثة دراهم، فأعطاه عوضها، ثم قال:«ألا إن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة»، ثم صلى على الذين قاتلوا معه، ثم أعيد إلى بيت عائشة.
شكل ١ - ٣: الوضوء من بئر زمزم المقدسة في موسم الحج بمكة (من صورة فوتوغرافية).
وأراد محمد، قبل وفاته بثلاثة أيام، أن ينقل إلى المسجد ليصلي، ولم يحتمل محمد هذا النقل، فأمر بأن يقوم أبو بكر مقامه، فعد المسلمون هذا دليلاً على أن الخلافة لأبي بكر بعد النبي.
وتوفي محمد بعد مرض دام خمسة عشر يوماً، وكانت وفاته في السنة الحادية عشرة من الهجرة حين كان عمره ثلاثاً وستين سنة.
وكانت جزيرة العرب، حتى عمان، قد صبأت قبل وفاة محمد إلى الإسلام، وقد رضي بالإسلام مشركو العرب ومسيحيوهم ويهودهم، وأصبحوا بذلك أمة واحدة ألهبتها المعتقدات الجديدة، وغدت مستعدة لفتح العالم بعد زمن قليل بقيادة زعمائها الماهرين.