وقد فعله السّلف أيضاً. فروى محمّد بن نصر من طريق الحسن , أنّ عمر كان ينهض في الثّالثة من الوتر بالتّكبير، ومن طريق المسور بن مخرمة , أنّ عمر أوتر بثلاثٍ لَم يسلم إلاَّ في آخرهنّ، ومن طريق ابن طاوسٍ عن أبيه , أنّه كان يوتر بثلاثٍ لا يقعد بينهنّ، ومن طريق قيس بن سعد عن عطاء وحمّاد بن زيد عن أيّوب مثله.
وروى محمّد بن نصر عن ابن مسعود وأنس وأبي العالية , أنّهم أوتروا بثلاثٍ كالمغرب. وكأنّهم لَم يبلغهم النّهي المذكور، ولكنّ النّزاع في تعيّن ذلك فإنّ الأخبار الصّحيحة تأباه.
وقوله في رواية القاسم " فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة " فيه دفعٌ لقول من ادّعى: أنّ الوتر بواحدةٍ مختصّ بمن خشي طلوع الفجر , لأنّه علَّقه بإرادة الانصراف , وهو أعمّ من أن يكون لخشية طلوع الفجر أو غير ذلك.
وقوله فيه " منذ أدركنا " أي بلغنا الحلم أو عقلنا، وقوله " يوترون بثلاثٍ وإنَّ كلاً لواسعٌ " , يقتضي أنّ القاسم فهم من قوله " فاركع ركعة " أي: منفردة منفصلة، ودلَّ ذلك على أنّه لا فرق عنده بين الوصل والفصل في الوتر. والله أعلم.
قوله:(فأوترتْ له ما صلَّى) استدل به على أنّ الرّكعة الأخيرة هي الوتر , وأنّ كلّ ما تقدّمها شفع.
وادّعى بعض الحنفيّة: أنّ هذا إنّما يشرع لمن طرقه الفجر قبل أن