وحكاه ابن المنذر والخطّابيّ عن مالك، وقال القاضي عياض وغيره: ليس ذلك بمعروفٍ في مذهبه.
قال ابن دقيق العيد: قد نصّ مالك على وجوبه , فحَمَلَه مَن لَم يمارس مذهبه على ظاهره , وأبى ذلك أصحابه. انتهى
والرّواية عن مالك بذلك في التّمهيد. وفيه أيضاً من طريق أشهب عن مالك أنّه سئل عنه. فقال: حسن , وليس بواجبٍ.
وحكاه بعض المتأخّرين عن ابن خزيمة من أصحابنا، وهو غلطٌ عليه. فقد صرّح في " صحيحه " بأنّه على الاختيار، واحتجّ لكونه مندوباً بعدّة أحاديث في عدّة تراجم.
وقد قال الشّافعيّ في الرّسالة بعد أن أورد حديثَي ابن عمر وأبي سعيد:
احتمل قوله " واجب " معنيين، الظّاهر منهما أنّه واجبٌ فلا تجزي الطّهارة لصلاة الجمعة إلاَّ بالغسل. واحتمل: أنّه واجبٌ في الاختيار وكرم الأخلاق والنّظافة.
ثمّ استدل للاحتمال الثّاني بقصّة عثمان مع عمر (١).
(١) أخرجها البخاري (٨٧٨) ومسلم (١٩٩٢) عن ابن عمر - رضي الله عنه -: أنَّ عمر بن الخطاب، بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة. إذ دخل رجلٌ من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأت فقال: والوضوء أيضاً، وقد علمتَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل.