للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلمّا لَم يترك عثمان الصّلاة للغسل , ولَم يأمره عمر بالخروج للغسل دلَّ ذلك على أنّهما قد علما أنّ الأمر بالغسل للاختيار. انتهى.

وعلى هذا الجواب عوّل أكثر المصنّفين في هذه المسألة. كابن خزيمة والطّبريّ والطّحاويّ وابن حبّان وابن عبد البرّ وهلمّ جرّاً.

وزاد بعضهم فيه: أنّ من حضر من الصّحابة وافقوهما على ذلك فكان إجماعاً منهم. على أنّ الغسل ليس شرطاً في صحّة الصّلاة , وهو استدلال قويّ.

وقد نقل الخطّابيّ وغيره الإجماع على أنّ صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة، لكن حكى الطّبريّ عن قوم: أنّهم قالوا بوجوبه , ولَم يقولوا إنّه شرط , بل هو واجبٌ مستقلٌّ تصحّ الصّلاة بدونه , كأنّ أصله قصد التّنظيف وإزالة الرّوائح الكريهة التي يتأذّى بها الحاضرون من الملائكة والنّاس، وهو موافق لقول مَن قال: يحرم أكل الثّوم على من قصد الصّلاة في الجماعة.

ويردّ عليهم: أنّه يلزم من ذلك تأثيم عثمان.

والجواب: أنّه كان معذوراً , لأنّه إنّما تركه ذاهلاً عن الوقت.

مع أنّه يحتمل أن يكون قد اغتسل في أوّل النّهار، لِمَا ثبت في صحيح مسلم عن حمران , أنّ عثمان لَم يكن يمضي عليه يوم حتّى يفيض عليه الماء، وإنّما لَم يعتذر بذلك لعمر كما اعتذر عن التّأخّر , لأنّه لَم يتّصل غسله بذهابِه إلى الجمعة كما هو الأفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>