جهة الكفّارة , بل على جهة التّصدّق عليه وعلى أهله بتلك الصّدقة لِمَا ظهر من حاجتهم، وأمّا الكفّارة فلم تسقط بذلك، ولكن ليس استقرارها في ذمّته مأخوذاً من هذا الحديث.
وأمّا ما اعتلّوا به من تأخير البيان فلا دلالة فيه، لأنّ العلم بالوجوب قد تقدّم، ولَم يرد في الحديث ما يدلّ على الإسقاط , لأنّه لَمّا أخبره بعجزه ثمّ أمره بإخراج العرق دلَّ على أن لا سقوط عن العاجز، ولعله أخّر البيان إلى وقت الحاجة وهو القدرة. انتهى
وقد ورد ما يدلّ على إسقاط الكفّارة أو على إجزائها عنه بإنفاقه إيّاها على عياله وهو قوله في حديث عليٍّ " وكله أنت وعيالك. فقد كفّر الله عنك ". ولكنّه حديثٌ ضعيفٌ لا يحتجّ بما انفرد به.
والحقّ أنّه لَمّا قال له - صلى الله عليه وسلم -: خذ هذا فتصدّق به. لَم يقبضه , بل اعتذر بأنّه أحوج إليه من غيره فأذن له حينئذٍ في أكله، فلو كان قبضه لملكه ملكاً مشروطاً بصفةٍ وهو إخراجه عنه في كفّارته.
فينبني على الخلاف المشهور في التّمليك المقيّد بشرطٍ، لكنّه لَمّا لَم يقبضه لَم يملكه، فلمّا أذن له - صلى الله عليه وسلم - في إطعامه لأهله وأكله منه كان تمليكاً مطلقاً بالنّسبة إليه وإلى أهله وأخذهم إيّاه بصفة الفقر المشروحة.
وقد تقدّم أنّه كان من مال الصّدقة، وتصرّف النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه تصرّف الإمام في إخراج مال الصّدقة، واحتمل إنّه كان تمليكاً بالشّرط الأوّل. ومن ثَمَّ نشأ الإشكال.