ويحتمل: أن يكون المراد يوافقها في نفس الأمر وإن لَم يعلم هو ذلك. وفي حديث زرّ بن حبيش عن ابن مسعود قال: من يقم الحول يُصب ليلة القدر " وهو محتمل للقولين أيضاً.
وقال النّوويّ أيضاً في حديث " من قام رمضان " وفي حديث " من قام ليلة القدر ": معناه من قامه ولو لَم يوافق ليلة القدر حصل له ذلك، ومن قام ليلة القدر فوافقها حصل له.
وهو جارٍ على ما اختاره من تفسير الموافقة بالعلم بها، وهو الذي يترجّح في نظري، ولا أنكر حصول الثّواب الجزيل لمن قام لابتغاء ليلة القدر. وإن لَم يعلم بها ولو لَم توفّق له، وإنّما الكلام على حصول الثّواب المعيّن الموعود به.
وفرّعوا على القول باشتراط العلم بها أنّه يختصّ بها شخص دون شخص فيكشف لواحد ولا يكشف لآخر ولو كانا معاً في بيت واحد.
وقال الطّبريّ: في إخفاء ليلة القدر دليل على كذب من زعم أنّه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السّنة، إذ لو كان ذلك حقّاً لَم يخف على كلّ من قام ليالي السّنة فضلاً عن ليالي رمضان.
وتعقّبه ابن المنيّر في الحاشية: بأنّه لا ينبغي إطلاق القول بالتّكذيب لذلك , بل يجوز أن يكون ذلك على سبيل الكرامة لمن شاء الله من عباده فيختصّ بها قوم دون قوم، والنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَم يحصر العلامة ولَم ينف الكرامة، وقد كانت العلامة في السّنة التي حكاها أبو سعيد نزول