قوله:(على جبهته أثر الماء والطّين) في رواية لهما " يسجد في الماء والطّين حتّى رأيت أثر الطّين في جبهته ".
وفي رواية ابن أبي حازمٍ في البخاري " انصرف من الصّبح ووجهه ممتلئٌ طيناً وماءً " وهذا يشعر بأنّ قوله " أثر الماء والطّين " لَم يرد به محض الأثر وهو ما يبقى بعد إزالة العين.
قال البخاري في " صحيحه ": رأيت الحميدي يحتج بهذا الحديث أن لا يمسح الجبهة في الصلاة.
وفيه إشارة إلى أنّه يوافقه على ذلك، ومن ثَمَّ لَم يتعقّبه، وأنّه إن احتجّ به على المنع جملةً لَم يسلم من الاعتراض وأنّ التّرك أولى.
قال الزّين بن المنير ما حاصله: ذكر البخاريّ المستدلّ ودليله، وكّل الأمر فيه لنظر المجتهد. هل يوافق الحميديّ أو يخالفه؟ وإنّما فعل ذلك لِمَا يتطرّق إلى الدّليل من الاحتمالات، لأنّ بقاء أثر الطّين لا يستلزم نفي مسح الجبهة، إذ يجوز أن يكون مسحها وبقي الأثر بعد المسح.
ويحتمل: أن يكون ترك المسح ناسياً أو تركه عامداً لتصديق رؤياه، أو لكونه لَم يشعر ببقاء أثر الطّين في جبهته، أو لبيان الجواز، أو لأنّ ترك المسح أولى , لأنّ المسح عملٌ. وإن كان قليلاً.
وإذا تطرّقت هذه الاحتمالات لَم ينهض الاستدلال، لا سيّما وهو فعل من الجبليّات لا من القرب.