ويضيّق عليه حتّى يذعن للطّاعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: وإنّما أحلت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس. فعلم أنّها لا تحلّ لأحدٍ بعده بالمعنى الذي حلت له به وهو محاربة أهلها والقتل فيها. ومال ابن العربيّ إلى هذا.
وقال ابن المنير: قد أكّد النّبيّ التّحريم بقوله " حرّمه الله " ثمّ قال " فهو حرام بحرمة الله " ثمّ قال " ولَم تحلّ لي إلاَّ ساعة من نهار " وكان إذا أراد التّأكيد ذكر الشّيء ثلاثاً. قال: فهذا نصّ لا يحتمل التّأويل.
وقال القرطبيّ: ظاهر الحديث يقتضي تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - بالقتال لاعتذاره عمّا أبيح له من ذلك مع أنّ أهل مكّة كانوا إذ ذاك مستحقّين للقتال والقتل لصدّهم عن المسجد الحرام وإخراجهم أهله منه وكفرهم، وهذا الذي فهمه أبو شُريح كما تقدّم، وقال به غير واحد من أهل العلم.
وقال ابن دقيق العيد: يتأكّد القول بالتّحريم بأنّ الحديث دالٌّ على أنّ المأذون للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه لَم يؤذن لغيره فيه، والذي وقع له إنّما هو مطلق القتال لا القتال الخاصّ بما يعمّ كالمنجنيق فكيف يسوغ التّأويل المذكور؟ وأيضاً فسياق الحديث يدلّ على أنّ التّحريم لإظهار حرمة البقعة بتحريم سفك الدّماء فيها، وذلك لا يختصّ بما يستأصل.
واستدل به على اشتراط الإحرام على من دخل الحرم.
قال القرطبيّ: معنى قوله " حرّمه الله ". أي: يحرم على غير المُحرم