لقطتها إلاَّ لمنشد " وفي رواية لهما عن أبي هريرة " ولا تحلّ ساقتها إلاَّ لمنشد " أي: معرّفٍ. وأمّا الطّالب فيقال له النّاشد، تقول: نشدت الضّالة إذا طلبتها وأنشدتها إذا عرّفتها.
وأصل الإنشاد والنّشيد رفع الصّوت، والمعنى لا تحلّ لقطتها إلاَّ لمن يريد أن يعرّفها فقط، فأمّا من أراد أن يعرّفها ثمّ يتملكها فلا.
واستدل بحديثي ابن عبّاس وأبي هريرة (١) , على أنّ لقطة مكّة لا تلتقط للتّمليك بل للتّعريف خاصّةً , وهو قول الجمهور.
وإنّما اختصّت بذلك عندهم لإمكان إيصالها إلى ربّها، لأنّها إن كانت للمكّيّ فظاهر، وإن كانت للآفاقيّ فلا يخلو أفق غالباً من واردٍ إليها، فإذا عرّفها واجدها في كل عامٍ سهل التّوصّل إلى معرفة صاحبها، قاله ابن بطّال.
وقال أكثر المالكيّة وبعض الشّافعيّة: هي كغيرها من البلاد، وإنّما تختصّ مكّة بالمبالغة في التّعريف , لأنّ الحاجّ يرجع إلى بلده وقد لا يعود , فاحتاج الملتقط بها إلى المبالغة في التّعريف.
واحتجّ ابن المنير لمذهبه بظاهر الاستثناء، لأنّه نفى الحل واستثنى المنشد فدلَّ على أنّ الحل ثابت للمنشد لأنّ الاستثناء من النّفي إثبات، قال: ويلزم على هذا أنّ مكّة وغيرها سواء، والقياس يقتضي تخصيصها.
والجواب: أنّ التّخصيص إذا وافق الغالب لَم يكن له مفهوم،
(١) حديث أبي هريرة سيأتي إن شاء الله مطوّلاً في القصاص. رقم (٣٤٥)