ولا تنافي هذه ورواية مالك , لأنّ القارن لا يحلّ من العمرة , ولا من الحجّ حتّى ينحر، فلا حجّة فيه لمن تمسّك بأنّه - صلى الله عليه وسلم - كان متمتّعاً كما سيأتي، لأنّ قول حفصة " ولَم تحلّ من عمرتك " وقوله هو " حتّى أحلّ من الحجّ " ظاهر في أنّه كان قارناً.
وأجاب مَن قال كان مفرداً عن قوله " ولَم تحلّ من عمرتك " بأجوبةٍ:
الجواب الأول: قاله الشّافعيّ معناه: ولَم تحلّ أنت من إحرامك الذي ابتدأته معهم بنيّةٍ واحدة، بدليل قوله " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة "
الجواب الثاني: معناه ولَم تحلّ من حجّك بعمرةٍ كما أمرت أصحابك، قالوا: وقد تأتي " من " بمعنى الباء كقوله عزّ وجل (يحفظونه من أمر الله) أي: بأمر الله، والتّقدير ولَم تحلّ أنت بعمرةٍ من إحرامك.
الجواب الثالث: ظنّت أنّه فسخ حجّه بعمرةٍ كما فعل أصحابه بأمره فقالت: لِمَ لَمْ تحلّ أنت أيضاً من عمرتك؟.
ولا يخفى ما في بعض هذه التّأويلات من التّعسّف.
والذي تجتمع به الرّوايات أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً. بمعنى أنّه أدخل العمرة على الحجّ بعد أن أهل به مفرداً، لا أنّه أوّل ما أهل أحرم بالحجّ والعمرة معاً.