وقال النّوويّ: الصّواب الذي نعتقده أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً، ويؤيّده: أنّه - صلى الله عليه وسلم - لَم يعتمر في تلك السّنة بعد الحجّ، ولا شكّ أنّ القِران أفضل من الإفراد الذي لا يعتمر في سننه عندنا، ولَم ينقل أحدٌ أنّ الحجّ وحده أفضل من القران.
كذا قال. والخلاف ثابت قديماً وحديثاً.
أمّا قديماً: فالثّابت عن عمر أنّه قال: إنّ أتمّ لحجّكم وعمرتكم أن تنشئوا لكلٍّ منهما سفراً. وعن ابن مسعود نحوه. أخرجه ابن أبي شيبة وغيره.
وأمّا حديثاً: فقد صرّح القاضي حسين والمتولي بترجيح الإفراد , ولو لَم يعتمر في تلك السّنة.
وقال صاحب الهداية من الحنفيّة: الخلاف بيننا وبين الشّافعيّ مبنيّ على أنّ القارن يطوف طوافاً واحداً وسعياً واحداً فبهذا , قال: إنّ الإفراد أفضل، ونحن عندنا أنّ القارن يطوف طوافين وسعيين. فهو أفضل لكونه أكثر عملاً.
وقال الخطّابيّ: اختلفت الرّواية فيما كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - به محرماً.
والجواب عن ذلك بأنّ كلّ راوٍ أضاف إليه ما أمر به اتّساعاً، ثمّ رجّح بأنّه كان أفرد الحجّ، وهذا هو المشهور عند المالكيّة والشّافعيّة.
وقد بسط الشّافعيّ القول فيه في " اختلاف الحديث " وغيره. ورجّح أنّه - صلى الله عليه وسلم - أحرم إحراماً مطلقاً ينتظر ما يؤمر به فنزّل عليه الحكم بذلك وهو على الصّفا، ورجّحوا الإفراد أيضاً بأنّ الخلفاء الرّاشدين