ومن العلماء من جمع بين الأحاديث على نمط آخر. مع موافقته على أنّه كان قارناً كالطّحاويّ وابن حبّان وغيرهما.
فقيل: أهلَّ أوّلاً بعمرةٍ , ثمّ لَم يحلل منها إلى أن أدخل عليها الحجّ يوم التّروية.
ومستند هذا القائل حديث ابن عمر في البخاري بلفظ " فبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة , ثمّ أهل بالحجّ ".
وهذا لا ينافي إنكار ابن عمر على أنس كونه نقل أنّه - صلى الله عليه وسلم - أهل بالحجّ والعمرة كما تقدّم لاحتمال أن يكون من إنكاره كونه نقل أنّه أهل بهما معاً , وإنّما المعروف عنده أنّه أدخل أحد النّسكين على الآخر , لكنّ جزمه بأنّه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالعمرة مخالف لِمَا عليه أكثر الأحاديث. فهو مرجوح.
وقيل: أهلَّ أوّلاً بالحجّ مفرداً , ثمّ استمرّ على ذلك إلى أن أمر أصحابه بأن يفسخوا حجّهم فيجعلوه عمرة وفسخ معهم، ومنعه من التّحلّل من عمرته المذكورة ما ذكره في حديث الباب وغيره من سوق الهدي. فاستمرّ معتمراً إلى أن أدخل عليها الحجّ حتّى تحلل منهما جميعاً، وهذا يستلزم أنّه أحرم بالحجّ أوّلاً وآخراً، وهو محتمل , لكنّ الجمع الأوّل أولى.
وقيل: إنّه - صلى الله عليه وسلم - أهل بالحجّ مفرداً واستمرّ عليه إلى أن تحلل منه بمنًى , ولَم يعتمر في تلك السّنة. وهو مقتضى من رجّح أنّه كان مفرداً.