لكن تقدَّم في البخاري عن أبي هريرة: فلقد رأيته راكبها يساير النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. والنّعل في عنقها.
وتبيّن بهذه الطّرق , أنّه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت الحرام , ولو كان المراد مدلولها اللّغويّ لَم يحصل الجواب بقوله: إنّها بدنة , لأنّ كونها من الإبل معلوم , فالظّاهر أنّ الرّجل ظنّ أنّه خفي كونها هدياً. فلذلك قال: إنّها بدنة , والحقّ أنّه لَم يخف ذلك على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لكونها كانت مقلدة , ولهذا قال له لَمّا زاد في مراجعته " ويلك ".
واستُدل به على جواز ركوب الهدي. سواء كان واجباً أو متطوّعاً به؛ لكونه - صلى الله عليه وسلم - لَم يستفصل صاحب الهدي عن ذلك , فدلَّ على أنّ الحكم لا يختلف بذلك.
وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد من حديث عليّ , أنّه سئل: هل يركب الرّجل هديه؟ فقال: لا بأس. قد كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يمرّ بالرّجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه. أي: هدي النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. إسناده صالحٌ.
وبالجواز مطلقاً , قال عروة بن الزّبير. ونسبه ابن المنذر لأحمد وإسحاق , وبه قال أهل الظّاهر , وهو الذي جزم به النّوويّ في " الرّوضة " تبعاً لأصله في الضّحايا , ونقله في " شرح المهذّب " عن القفّال والماورديّ , ونقل فيه عن أبي حامد والبندنيجيّ وغيرهما تقييده بالحاجة.
وقال الرّويانيّ: تجويزه بغير حاجة يخالف النّصّ , وهو الذي حكاه