القبض قبل الهبة , وهو اختيار البغويّ قال: إذا أذن المشتري للموهوب له في قبض المبيع كفى وتمّ البيع وحصلت الهبة بعده، لكن لا يلزم من هذا اتّحاد القابض والمقبض , لأنّ ابن عمر كان راكب البعير حينئذٍ.
وقد احتجّ به للمالكيّة والحنفيّة في أنّ القبض في جميع الأشياء بالتّخلية.
وعند الشّافعيّة والحنابلة تكفي التّخلية في الدّور والأراضي وما أشبهها دون المنقولات.
وقال ابن قدامة: ليس في الحديث تصريحٌ بالبيع، فيحتمل أن يكون قول عمر " هو لك " أي: هبةً، وهو الظّاهر فإنّه لَم يذكر ثمناً.
قلت: وفيه غفلةٌ عن قوله في الحديث " فباعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وقد وقع في بعض طرق هذا الحديث عند البخاريّ " فاشتراه " فعلى هذا فهو بيعٌ، وكون الثّمن لَم يُذكر لا يلزم أن يكون هبةً مع التّصريح بالشّراء، وكما لَم يذكر الثّمن يحتمل أن يكون القبض المشترط وقع وإن لَم ينقل.
قال المحبّ الطّبريّ: يحتمل أن يكون النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ساقه بعد العقد كما ساقه أوّلاً، وسوقه قبضٌ له , لأنّ قبض كل شيءٍ بحسبه.
قوله:(حتى يقبضه) في قوله حتّى يقبضه زيادة في المعنى على قوله " حتّى يستوفيه " , لأنّه قد يستوفيه بالكيل بأن يكيله البائع ولا يقبضه للمشتري , بل يحبسه عنده لينقده الثّمن مثلاً.