للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقوى ما يردّ على هؤلاء ما احتجّ به الشّافعيّ من حديث عمران بن حصين في قصّة الذي أعتق عند موته ستّة أعبد له - لَم يكن له مال غيرهم - فدعاهم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فجزّأهم ستّة أجزاء فأعتق اثنين وأرقّ أربعة (١).

قال (٢): فجعل عتقه في المرض وصيّة، ولا يقال لعلهم كانوا أقارب المعتق , لأنّا نقول لَم تكن عادة العرب أن تملك من بينها وبينه قرابة، وإنّما تملك من لا قرابة له أو كان من العجم، فلو كانت الوصيّة تبطل لغير القرابة لبطلت في هؤلاء، وهو استدلال قويّ. والله أعلم

ونقل ابن المنذر عن أبي ثور: أنّ المراد بوجوب الوصيّة في الآية والحديث , يختصّ بمن عليه حقّ شرعيّ يخشى أن يضيع على صاحبه إن لَم يوص به كوديعةٍ ودين لله أو لآدميٍّ.

قال: ويدل على ذلك تقييده بقوله: " له شيء يريد أن يوصي فيه " لأنّ فيه إشارة إلى قدرته على تنجيزه ولو كان مؤجّلاً. فإنّه إذا أراد ذلك ساغ له، وإن أراد أن يوصي به ساغ له.

وحاصله يرجع إلى قول الجمهور أنّ الوصيّة غير واجبة لعينها، وإنّ الواجب لعينه الخروج من الحقوق الواجبة للغير سواء كانت


(١) أخرجه مسلم في " صحيحه " (٤٤٢٥)
(٢) أي الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>