واحتجّ القرطبيّ في " المفهم " لمذهبه بقوله تعالى (لكلٍّ جعلنا شرعة ومنهاجاً) فهي ملل متعدّدة وشرائع مختلفة.
قال: وأمّا ما احتجّوا به في قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملتهم) فوحّد الملة , فلا حجّة فيه , لأنّ الوحدة في اللفظ وفي المعنى الكثرة , لأنّه أضافه إلى مفيد الكثرة كقول القائل: أخذ عن علماء الدّين علمهم , يريد: علم كلٍّ منهم.
قال: واحتجّوا بقوله (قل يا أيّها الكافرون) إلى آخرها.
والجواب: أنّ الخطاب بذلك وقع لكفّار قريش وهم أهل وثنٍ.
وأمّا ما أجابوا به عن حديث " لا يتوارث أهل ملتين ": بأنّ المراد ملة الكفر وملة الإسلام.
فالجواب عنه: بأنّه إذا صحّ في حديث أسامة فمردود في حديث غيره.
واستدل بقوله " لا يرث الكافر المسلم " على جواز تخصيص عموم الكتاب بالآحاد , لأنّ قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم) عامّ في الأولاد , فخصّ منه الولد الكافر فلا يرث من المسلم بالحديث المذكور.
وأجيب: بأنّ المنع حصل بالإجماع، وخبر الواحد إذا حصل الإجماع على وفقه كان التّخصيص بالإجماع لا بالخبر فقط.