وقال القرطبيّ تبعاً لابن رشد: لا خلاف في أنّه لا يحلّ نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة كالأدمة والسّمرة، ولا في البياض والسّواد إذا كان قد أقرّ بالوطء , ولَم تمض مدّة الاستبراء.
وكأنّه أراد في مذهبه، وإلَّا فالخلاف ثابت عند الشّافعيّة بتفصيل , فقالوا: إن لَم ينضمّ إليه قرينة زناً لَم يجز النّفي، فإن اتّهمها فأتت بولدٍ على لون الرّجل الذي اتّهمها به جاز النّفي على الصّحيح.
وفي حديث ابن عبّاس (١) في اللعان ما يقوّيه.
وعند الحنابلة: يجوز النّفي مع القرينة مطلقاً، والخلاف إنّما هو عند عدمها، وهو عكس ترتيب الخلاف عند الشّافعيّة.
وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به مخالفة الشّبه.
وفيه الاحتياط للأنساب وإبقائها مع الإمكان، والزّجر عن تحقيق ظنّ السّوء.
وقال القرطبيّ: يؤخذ منه منع التّسلسل، وأنّ الحوادث لا بدّ لها أن تستند إلى أوّل ليس بحادث. وفيه أنّ التّعريض بالقذف لا يثبت حكم القذف حتّى يقع التّصريح خلافاً للمالكيّة.
(١) أخرجه البخاري في " الصحيح " (٥٠٠٤ , ٥٠١٠ , ٦٤٦٤) ومسلم (١٤٩٧) عن ابن عباس، أنه ذُكر التلاعن عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً ثم انصرف، فأتاه رجلٌ من قومه يشكو إليه أنه قد وجد مع امرأته رجلاً، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا الأمر إلَّا لقولي، فذهب به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفراً قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادّعى عليه أنه وجده عند أهله خَدَلاًّ آدم كثير اللحم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم بيّن " فجاءت شبيهاً بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده، فلاعن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث