للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب بعض المالكيّة: أنّ التّعريض الذي يجب به القذف عندهم , هو ما يفهم منه القذف كما يفهم من التّصريح، وهذا الحديث لا حجّة فيه لدفع ذلك، فإنّ الرّجل لَم يرد قذفاً، بل جاء سائلاً مستفتياً عن الحكم لِما وقع له من الرّيبة، فلمّا ضرب له المثل أذعن.

وقال المُهلَّب: التّعريض إذا كان على سبيل السّؤال لا حدّ فيه، وإنّما يجب الحدّ في التّعريض إذا كان على سبيل المواجهة والمشاتمة.

وقال ابن المنيّر (١): الفرق بين الزّوج والأجنبيّ في التّعريض أنّ الأجنبيّ يقصد الأذيّة المحضة، والزّوج قد يعذر بالنّسبة إلى صيانة النّسب. والله أعلم.

قال ابن بطّال: احتجّ الشّافعيّ بأنّ التّعريض في خطبة المعتدّة جائز مع تحريم التّصريح بخطبتها، فدلَّ على افتراق حكمها.

قال: وأجاب القاضي إسماعيل , بأنّ التّعريض بالخطبة جائز , لأنّ النّكاح لا يكون إلَّا بين اثنين، فإذا صرّح بالخطبة وقع عليه الجواب بالإيجاب أو الوعد فمنع، وإذا عرّض فأفهم أنّ المرأة من حاجته لَم يحتج إلى جواب، والتّعريض بالقذف يقع من الواحد ولا يفتقر إلى جواب، فهو قاذف من غير أن يخفيه عن أحد فقام مقام الصّريح.

كذا فرّق، ويعكّر عليه أنّ الحدّ يدفع بالشّبهة , والتّعريض يحتمل الأمرين، بل عدم القذف فيه هو الظّاهر وإلا لَمَا كان تعريضاً، ومن لَم يقل بالحدّ في التّعريض يقول بالتّأديب فيه لأنّ في التّعريض أذى


(١) هو علي بن محمد الاسكندراني , سبق ترجمته (٢/ ٣٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>